/ / متاعب تتهددُ المغرب بعد إلقاء أوروبا كرة المهاجرين في ملعبه

متاعب تتهددُ المغرب بعد إلقاء أوروبا كرة المهاجرين في ملعبه


بريس نـال ـ لوجورنال انترناسيونال | ترجمة: هشام تسمارت

تحوُّلُ المغربِ من بلدٍ يعبرهُ المهاجرُون القادمُون من جنوب الصحراء إلَى بلدٍ قدْ يطولُ فيه المقام، أوْ يدوم، معطًى دفعَ البلد في السنوات القليلة الماضية إلى انتهاج سياسة حازمة حيال الهجرة السريَّة، انبرتْ معها منظمة هيومان رايتس ووتش إلى تأييد انتقاداتِ جمعياتِ حقوقيَّة محليَّة بالمغرب لحالاتٍ أقدم فيها أفرادٌ من الأمن على ضرب مهاجرين، وتجريدهم من بعض الممتلكات التي في حوزتهم، وكذا إحراق الأماكن التي يقيمون بها، مع ترحيل بعضهم خارج المغرب دون اِتباع المساطر اللازمة.
إحدَى الدراسات التي جرى إعدادها حول وضع المهاجرين في المغرب أظهرتْ أنَّ حواليْ الثلثين من المستجوبين يؤكدُون أنهمْ طوردُوا من الشرطة المغربية، أوْ أنَّ الشرطة اقتحمتْ مخيماتهمْ وأقدمتْ على توقيف الكثيرين منهم بطريقةٍ فضَّة، دونمَا تحققٍ من هوياتهم.
ممارسات المغرب تجاه المهاجرين ما كانتْ لتمضِي دونَ أنْ تجرَّ عليه انتقاداتٍ من المجتمع الدولِي، قبلَ أنْ ينبلجَ الأملُ في شتنبر الماضي، حين حثَّ الملك محمدٍ السادس كلًّا من وزراء العدل والحريات والداخلية والشؤون الخارجيَّة والتعاون على إصلاحٍ في سياسة استقبال المهاجرين على التراب المغربِي.
البادرة الأولى من نوعها بالبلاد أتتْ في الوقت الذِي لمْ يكن المغرب يتوفر إلا على إجراءات جد محدودة، فيما يتعلقُ بتقنين وضع المهاجرين غير النظاميين على أراضيه؛ ومن بين النقاط المضيئة في السياسة الجديدة، إنشاء صفةٍ لطالبِي اللجوء، والاعتراف بصفة لاجئ سياسي، كما تحدده مفوضيَّة الأمم المتحدَة السامية لشؤون اللاجئين.
تبعًا للبادرة، شرعَ المغربُ ابتداءً من فاتح يناير، أبوابه عدة مكاتب لمعالجة طلبات تقنين أوضاع المهاجرين غير النظاميين ومنح تراخيص بالعمل. ووفقًا لما كانَ وزير الداخليَّة، محمد حصاد، قدْ أفاده "فقدْ تلقى المغرب حتى الخامس عشر من فبراير، 11.000 طلب لتقنين الأوضاع، أيْ بما يتراوح بين 300 و400 طلبٍ كمعدلٍ يومي"، أمرٌ بدا معه أنَّ الانتقاداتِ الدوليَّة آتتْ أكلها، فلمْ يعد الدحر مترددًا به عند الحدود، فانعطفَ التعاطِي الرسمي إلى منحى يؤثر الإدماج.

المغرب بين نارين..

بيدَ أنَّ المغربَ وإنْ لمْ يعدْ يوصدُ الحدود بحزمٍ في وجه المهاجرين الأفارقة، محدثًا تحسنًا في معاملتهم لدى دخولهم، لم تتمكن الإصلاحات التِي جرى إقرارها من قطع دابر المشكل، والسببُ في ذلك، وقوع المغربِ بين نارين؛ فمن جهةٍ أولى؛ ما ينفكُّ عددُ المهاجرِين الأفارقة الوافدين من جنوب الصحراء، يتزايد، سيما أن عدد طالبِي اللجوء خلال 2013، تضاعفَ بثلاث مراتٍ، حسب لرقامِ المفوضيَّة الساميَة لشؤون اللاجئين. ومن جهةٍ أخرى، ينعكسُ تشديدُ الدول الأوربيَّة رقابتها على الحدود في وجه المهاجرين الأفارقة، بشكلٍ مباشر على المغرب، فحينما يتعذرُ على المهاجر أنْ يصلَ أوربا سيجدُ نفسه عالقًا في المغرب بشكلٍ دائم، مما يرشحُ التوتر الاجتماعي إلى الاشتعال مع تزايد عدد مهاجري إفريقيا جنوب الصحراء في المغرب، الذِي يعانِي أصلًا من البطالة.
وفيما يقولُ وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، إنَّ تقدمًا حقوقيًّا تحققَ في ملف المهاجرين منذ سبتمبر الماضي، تنحُو المنظمات الحقوقيَّة الدوليَّة إلى متابعة انتقاداتها إلى المغرب، كهيومان رياتس ووتش التِي أشارت قبل أسبوعين إلى أنَّ عراقيل لا تزال ماثلة أمام الراغبين في تسوية وضعيتهم، وبأنَّ عددًا من طالبِي اللجوء معرضُون للطرد. حتى أنَّ بعض من يحوزون بطاقاتٍ سلمتْ لهم من المفوضيَّة الساميَة للاجئين اقتيدُوا صوب الحدود.

التعاون مع أوربا: هل يتعلقُ الأمر بتقدم؟

في العشرين من فبراير، عقد اجتماعٌ جديد في باريس، بين وزراء داخليَّة فرنسا وإسبانيا والبرتغال والمغرب. كانت الهجرة السريَّة من أجندته المطروحة. كما كان البحث منكبًا على إيجاد سبيلٍ إلى الحد من تدفق المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، بيدَ أنَّ ارتباط المغرب في سياسته للهجرة بالسياسة التي ينتهجها الاتحاد الأوربِي، لا يخدمهُ كثيرًا، حيث أنه سيكون مدعوًا، لكونه شريكًا متقدمًا للاتحاد الأوربِي منذُ 2008، إلى حزمٍ أكبر في صد المهاجرين الذين يقصدُون أوربا، بما يتحولُ معه إلى رديفِ دركِي للضفة الشماليَّة.
زيادةً على ذلكَ، لا يساعدُ التعاون الثنائي للمغرب مع دول أوربيَّة كفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، على تهدئة التوترات الناجمة عن ارتفاع أعداد المهاجرين. حيث إنَّ اتفاقيات التسليم « accords de réadmission » التي تخول الاتحاد الأوربي إعادة المهاجرين المنحدرين من جنوب الصحراء إلى المغرب وإنْ لمْ يكونُوا مغاربة، سيجعلُه يغصُّ أكثر بالمهاجرِين غير النظاميين.
فراغاتٌ قضائيَّة أخرى تسمُ الاتفاقيات الموقعة بين المغرب والاتحاد الأوربِي، حيث أنَّ المسؤوليات الملقاة على عاتقِ كل طرف، عند رصد مدى إلزام بلد التسليم، باستقبال اللاجئين. وهو ما ينذرُ المغربَ بأيامٍ صعاب مع المهاجرين السريين، فِي الوقتِ الذِي يحاولُ الاتحاد الأوربِي توجيه المشكل نحو الخارج أكثر فأكثر، ولا يعرفُ ما إذَا كانتْ سياسة الحكومة المغربيَّة ستأتِي ثمارهَا في صون حقوق المهاجرين.
الموضوع السابق :إنتقل إلى الموضوع السابق
الموضوع التالي :إنتقل إلى الموضوع القادم

لا توجد تعاليق :

أضف تعليقا