/ / تراجيديا الفشل الكلوي في المغرب .. مرض وفقر وسوء معاملة

تراجيديا الفشل الكلوي في المغرب .. مرض وفقر وسوء معاملة


بريس نـال ـ شيماء بخساس*

"انقطعتُ عن الدراسة بسبب سوء معاملة الأساتذة، إذ كثيرا ما كنت أتغيب عن الفصل نظرا لتواجدي المتكرر في مركز تصفية الدم". الحديث هنا لسمية البالغة من العمر 18 عاما. تعاني سمية من الفشل الكلوي منذ كانت في العاشرة من عمرها. المرض "حرمني من طفولتي".

ثمن الحياة

في كل يوم الثلاثاء تتجه سمية إلى مركز تصفية الدم، بعيدا عن بيتها، إلا أن الأمر لا يهم مادامت تتلقى معاملة جيدة من طرف العاملين بالمركز. تجلس سمية في قاعة الانتظار على أحد الكراسي بالمركز، بقامتها القصيرة، وبشرتها السمراء الشاحبة. تسأل عن إمكانية تأجيل تسديد ثمن التصفية إلى يوم الجمعة المقبل، لأنها لا تملك ثمن الحصة الحالية الذي يتراوح ما بين 600 إلى 800 درهم (550 – 650 يورو). تحتاج سمية إلى حصتين أو ثلاث حصص في الأسبوع، ومع وضعها الصحي الحرج، فهي حزينة على مقاطعتها الدراسة بحسب ما أوضحته لـ"هنا صوتك":" يؤسفني أنني لم أستطع متابعة دراستي؛ فأنا كنت كباقي الأطفال لدي أحلام وطموحات، إلا أن المرض نزل علي كالصاعقة، لا أذكر كيف أصيبت به، لكن ما أذكره جيدا، أنه حرمني من لذة الدراسة واللعب كباقي الأطفال في مثل سني".

3 ملايين مريض

سمية واحدة من بين 3 ملايين شخص مصاب بالفشل الكلوي في المغرب، و13 ألف شخص يتابعون حصص تصفية الدم في مراكز التصفية المختصة. هذا ما تؤكده أمال بورقية، اختصاصية في علاج وجراحة الكلي ورئيسة جمعية "الكلي"، لـ "هنا صوتك": "عدد كبير من المغاربة، ومن مختلف الأعمار، مصابون بهذا المرض الخطير، وهو مرض صامت ومكلف ماديا للمريض، ناتج عن توقف الكلي عن أداء وظائفها" تضيف أمال: "في البداية تكاد علامات الفشل الكلوي لا تحدث تأثيرا كبيرا على المريض، ولكن بتقدم المرض تظهر بعض الأعراض كالإحساس بالخمول وقلة النشاط".

عزيمة

شددت بورقية على أن عدم تكوين الأطباء المغاربة بشكل كاف قد يزيد من مخاطر إصابة المريض بالفشل الكلوي، ويبدو أن هذا ما حدث لحسن، شاب في 19 من عمره، نجح في الحصول على شهادة البكالوريا بالرغم من إصاباته بالمرض، إلا أنه يخاف من عدم حصوله على العمل بسبب مرضه، يقول: "أصبت بالمرض وعمري 14 سنة، في البداية أحسست بالتعب وبألم حاد في المفاصل، التجأت إلى الطبيب العام، قصد العلاج، إلا أنه أخبرني أنني مصاب بأعراض الزكام لا غير".
وصف الطبيب بعض الأدوية لحسن دون جدوى، مرت أربعة أشهر ليذهب حسن إلى نفس الطبيب لكن لم يتحسن، يقول: "بعد مدة زرت طبيا آخر لأكتشف أنني أصيبت بفشل كلوي".
مريم (16 سنة)، هي الأخرى انقطعت عن الدراسة، ولم تستطيع أن تتقبل إصاباتها بالمرض، تقول: "مرت سنة على إصاباتي بالمرض، لم أستطع تقبل كوني مصابة بالفشل الكلوي، فبالإضافة إلى أنه مكلف ماديا، إلا أنه متعب نفسيا".
مريم تزور طبيبا نفسيا بانتظام، فهي تتخيل بأنها ستموت في أيه لحظة، مما سبب لها مشاكل نفسية حادة، انقطعت عن الدراسة، بسبب تعبها وعجزها عن التركيز، تشتكي مريم من ارتفاع ثمن حصص تصفية الدم: "صحيح توجد مراكز التصفية بالمجان إلا أن معاملة العاملين فيها مسيئة للمرضى".
الموضوع السابق :إنتقل إلى الموضوع السابق
الموضوع التالي :إنتقل إلى الموضوع القادم

لا توجد تعاليق :

أضف تعليقا