/ / علماء آثار مغاربة يكتشفون أسنانا متعفنة من العصر الحجري

علماء آثار مغاربة يكتشفون أسنانا متعفنة من العصر الحجري


بريس نـال ـ هسبريس ـ سارة حمدوشي

وجد العلماء بعضا من أقدم الدلائل على انتشار تسوس الأسنان عند البشر، حيث وجدت في بقايا هيكل عظمي من العصر الحجري، كان يعيش فيما يسمى اليوم: المغرب، قبل 13 ألف و700 سنة.
ويقول الباحثون لمجلة "بي إن آي إس" إن هؤلاء الأفراد كانوا يتناولون الكثير من الأطعمة عالية الكربوهيدرات، باعتبار أن حالة أسنانهم السيئة تدل على أنهم كانوا يعانون في أغلب الأحيان من الألم.
ويشرح الدكتور "لويس هامفري"، من المتحف التاريخي في لندن: "عند وقت معين، يموت عصب السن، ولكن قبل ذلك يكون الألم مبرحا، وإن وقع تعفن يصبح الألم قاسيا بسبب الضغط على الفك"، مضيفا أنه في النهاية يحدث العظم ثقبا فتتسرب التعفنات، وقد لاحظنا هذا في العديد من بقايا الفك التي درسنا."
ومع كل الأطعمة الحلوة والسكريات، أصبح تسوس الأسنان مشكلة شائعة في المجتمعات الحديثة، لكنه لم يكن دائما بهذا السوء.
وأخذت صحة الأسنان منعطفا حين استقر الإنسان في مجتمعات زراعية بمحاصيل هجينة، وبدأ باستهلاك الكثير من الكاربوهيدرات. ولكن حتى في مجتمعات الصيادين البدائية، على ما يبدو، كانت الأغذية النباتية التي تحتوي على كثير من السكر تسبب أمراضا كثيرة.

البكتيريا الضارة

راجع العلماء حالة 52 من أسنان الهياكل العظمية الموجودة بقصر الحمام "ڭوتي" بتافوغالت، شرق المغرب، على مدى ال 10 سنوات الماضية. وغطت هذه الهياكل العظمية الفترة ما قبل 13 ألف و700 سنة إلى حوالي 15 ألف سنة.
كل من فرد من الأفراد الثلاثة أظهر تسوس الأسنان، مع تجاويف وآفات أخرى، أثرت على أكثر من نصف الأسنان الحية. وعند بعض الأفراد، كانت الحالة الصحية للفم سيئة لدرجة تطورت التعفنات لدرجة مدمرة.
وتشير النباتات البرية في تافوغالت إلى أن هؤلاء الناس المنتمين إلى العصر الحجري كانوا يتناولون وجبات خفيفة في كثير من الأحيان من الجوز والمسكرات، والصنوبر والفستق، كما أن تناول الحلزون كان أيضا وجبة شعبية.
ومع قليل من نظافة الفم إن لم تكن منعدمة، النظام الغذائي لمنطقة تافوغالت ينتج من الأحماض ما يسبب تعفن مينا الأسنان، إضافة إلى الألم، ربما كان بعض الأفراد يعانون أيضا من رائحة كريهة للغاية.
وما يثير الاهتمام حول هذه الدراسة، أنها استطاعت تحديد ارتفاع معدلات تسوس الأسنان قبل عدة آلاف السنين اعتمادا على الممارسات الزراعية المستخدمة على نطاق واسع. ولكن رغم أن ساكنة تافوغالت كان تعتمد في غذائها على جمع النباتات البرية، إلا أنها كانت مجتمعات مستقرة نسبيا.
سلسلة المدافن الطويلة في قصر الحمام "ڭروتي"، وقمامته العميقة التي تتضمن مخلفات النباتات، عوامل مكنت العلماء من دراسة عدد كبير من الأفراد، وربط صحة أسنانهم بنوعية الغذاء الذي كانوا يستهلكون.

طب الأسنان

يعتبر الجوز الحلو هو السمة الغالبة في ذاك النظام الغذائي، يقول الدكتور "هامفري"، وقد يكون هو السبب الرئيسي لتسوس الأسنان.
وأضاف "الجوز الحلو نقي، سهل التخزين في حزم من الكاربوهيدرات. نعتقد أنهم كانوا يطهونه، ما من شأنه أن يجعله أكثر لزاجة. عملية الطهي تستطيع بالفعل البدء بكسر الكاربوهيدرات، إلا أن لزاجة الطعام كانت تلتصق في فجوات الأسنان وتثبت حرفيا حولها. وإن كانت لديك تسوسات في الأصل، يصبح الأمر عبارة عن دائرة لا مخرج منها."
ومن الواضح أن الأفراد بتافوغالت كانوا يمارسون نوعا من تعديل الأسنان. في أكثر من %90 من الحالات، واحدة أو كلا من القواطع العلوية المركزية كانت مقلوعة (الأسنان العلوية الأمامية)، وغير مؤكد إن كانت الأسنان المصابة بالتسوس يتم قلعها أيضا.
"غالبا لا تصاب القواطع العلوية المركزية بالتسوس، إذن ربما كان قلعها من العادات، شيء لا نعلمه بالتأكيد. وحتى أنهم من الواضح يعلمون كيفية قلع الأسنان، لا نملك أي أدلة لنقول أنهم كانوا يقلعون حتى الأسنان المصابة بالتسوس."
بعض الدلائل البدائية حول طب الأسنان تأتي من حوالي 6 آلاف و500 سنة، عندما كان يتم استخدام الشمع لملئ التجاويف.


• مشروع البحث هذا مقدم في "بي إن آي إس"، بتوجيه مشترك بين "عبد الجليل بوزوكار"، من المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط، المغرب، و"نيك بارتون" من جامعة أكسفورد، المملكة المتحدة.
الموضوع السابق :إنتقل إلى الموضوع السابق
الموضوع التالي :إنتقل إلى الموضوع القادم

لا توجد تعاليق :

أضف تعليقا