/ / السويد تقرر إغلاق بعض سجونها لتناقص أعداد النزلاء

السويد تقرر إغلاق بعض سجونها لتناقص أعداد النزلاء

بريس نـال ـ  هسبريس ـ إسماعيل عزام

لم يعد للسجن ضرورة بعدما غيّر السجين من قناعاته وقرر أن يكون مواطنا صالحا مقلعا عن كل جرائمه السابقة، تلك خلاصة ما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية وموقع ماي أوروب، حول دولة اسكندنافية تعتبر من الأمثلة الرائدة عالميا في تأهيل السجناء، إنها السويد التي قررت هذه السنة إغلاق أربع مؤسسات سجنية بمجموعة من المدن، اثنان منها سيتم بيعهما، بينما ستبقى البقية في ملكية الدولية كي تستفيد منها لاحقا في ميادين أخرى.
السبب في هذا الإغلاق هو التناقص المسترسل في عدد السجناء بهذا البلد، فمنذ سنة 2004 وعددهم يقل ب1% سنويا، قبل أن يتناقص السنة الماضية بـ6% دفعة واحة، الأمر الذي سيتكرر هذه السنة والسنة القادمة، حيث يبلغ عدد السجناء حاليا قرابة خمسة آلاف من ساكنة يقدر عددها ب 9,5 مليون.
الفضل في هذا الإنجاز الإنساني يعود إلى الإصلاحات التي باشرتها السويد على مستوى قوانينها وخدماتها العامة، حيث يقول نيلس أوبرك، رئيس مصلحة السجون وخدمات إعادة التأهيل: "نتمنى أن تكون الجهود التي نقدمها في تأهيل السجناء وثنيهم عن تكرار جرائمهم هي التي حققت هذا التراجع. رغم أنني أقر بوجود عوامل أخرى"، مضيفا في تصريحه للجارديان بأنه على السويد مضاعفة جهودها من أجل إدماج كل سجين سابق في المجتمع بشكل يجعله لا يحتفظ سوى بذكريات جميلة عن فترة سجنه.
تُعتبر السويد من أكثر الدول عبر العالم تفعيلا للعقوبات البديلة خاصة فيما يتعلق ببعض الجنح الصغيرة كحيازة كمية قليلة من المخدرات، عدم أداء فواتير معينة، القيادة في حالة سكر...، حيث يقضي المتابَع عقوبته خارج المؤسسة السجنية وبكامل حريته الطبيعية، شرط أن يساهم في أعمال تعود بالمنفعة العمومية تحت تأطير مسؤول من الدولة، فقد يشتغل في جمعية لمحارية الإدمان الكحولي أو لمحاربة الإدمان، وذلك كي يثبت أنه أقلع عن جرمه وصار مواطنا صالحا، الأمر الذي جعل عشر آلاف مُتابَع من أصل 15 ألف، يعيشون حياتهم بشكل طبيعي كما هي دون مرور من السجن.
وليست النسبة الضعيفة من السجناء هي من تثير الانتباه بهذا البلد، فحوالي نصف السجون السويدية تخلو من الجدران والسياجات الحديدية المعروفة في السجون التقليدية، معتمدة في ذلك على الفضاء المفتوح في الهواء الطلق، زيادة أن السجين لا يحمل هذا الوصف، بل هو زبون بالمؤسسة سيقضي بها أياما معدودة، وبالتالي فهو يتوفر بها على غرفته الخاصة التي تحترم جميع شروط النظافة المعمول بها عالميا.
وفضلا عن ذلك، فهذا "الزبون"، يشتغل في أنشطة ربحية ولا يقضي كل وقته في انتظار الإفراج عنه، العمل يبدأ مع الثامنة صباحا وينتهي تقريبا في الرابعة بعد الزوال، بأجر أسبوعي يصل إلى 40 أورو. كما أنه ومنذ سنة 1998، يمكن للسجناء الذين قضوا ثلثي مدة عقوبتهم، أن يطالبوا بالعقوبة البديلة التي تمكنهم من العودة إلى حياتهم العادية، مستفيدين بذلك من قرار للمحكمة العليا للبلاد، التي فعلت قانونا أقل قسوة على كل الجنح المتعلقة بالمخدرات، حيث لا يقضي المتهمون في قضايا كبرى تتعلق بها، أزيد من خمس سنوات سجنا.
العقوبات البديلة لا تساعد المحكوم عليه فقط، بل تُمكّن الاقتصاد السويدي من فوائد كثيرة، فمُتابَع خارج أسوار السجن، يمكّن الدولة من اختزال مصاريفه العامة ب13 مرة أقل ممّا سيكون عليه الحال لو تم سجنه، الأمر الذي جعل ساكني السويد، حسب أرقام المفوضية الأوروربية، من أقل المواطنين بالقارة العجوز ارتكابا للجرائم بصفة عامة، وبالتالي، فقد مكنوا الدولة من تقليل عدد رجال الشرطة مقارنة مع بلدان أخرى، فالسويد تتوفر على 207 شرطي لكل 100 ألف مواطن، في حين تتوفر اسبانيا على 506.
إلا أن الموديل السويدي تتخله هو الآخر بعض المشاكل، حيث يُعرف هذا البلد الاسكندنافي كأكثر البلدان الأوربية التي تعرف جرائم الاغتصاب، بعدد وصل إلى قرابة 164 حالة يوميا وفق أرقام رسمية، أي أن 53 حالة اغتصاب تسجل في كل 100 ألف نسمة، بينما لا تتجاوز النسبة 17 حالة في فرنسا. السبب في ذلك يعود، وفق ما يؤكده موقع ماي أوروب، إلى التعريف القانوني الفضفاض الذي تضعه السويد للاغتصاب، وإلى عدم تبيلغ النساء بشكل كافٍ عن حالات الاعتداء التي يتعرضن لها. وهو ما يجعل المجتمع المدني السويدي، يكثف من حملاته التحسيسية قصد تجاوز هذا المطب الذي لا يجعل بلدهم مثاليا كما يريدون.

الموضوع السابق :إنتقل إلى الموضوع السابق
الموضوع التالي :إنتقل إلى الموضوع القادم

لا توجد تعاليق :

أضف تعليقا