/ / تساؤلات حول قضايا الفساد بالمدينة المنجمية جرادة

تساؤلات حول قضايا الفساد بالمدينة المنجمية جرادة

بريس نـال ـ جرادة

شهدت مدينة جرادة ، خلال العقد الأخير، الذي أعقب مخطط الإغلاق المنجمي بها ، حملات واسعة ومكثفة من عمليات النهب لثرواتها وأراضيها وأموالها العامة، فالعقارات والأراضي والمنشآت ، سواء التابعة لشركة مفاحم المغرب أو التي تم تفويتها للمجال الحضري، تعرضت لمختلف أنواع السرقة والاغتصاب، إما باستغلال النفوذ والتزوير أو بالسطو والاحتلال أو بالنصب والتضليل والاحتيال، كما أن الفساد المالي ونهب المال العام أصبح ثقافة سائدة في عدد من المؤسسات بعمالة الإقليم، المجلس البلدي، نيابة التعليم… كل ذلك صار مشاعا ومعروفا لدى عموم الساكنة وتم التعبير عن رفضه واستنكاره وإدانة المتورطين فيه عبر الانخراط الجماهيري الواسع في مختلف الأشكال النضالية التي خاضتها العديد من الحركات الاحتجاجية والإطارات الجماهيرية ضد الفساد ونهب المال العام. وعندما بدأت لجان التحقق عملها في هذا الإطار ، اعتقدنا جميعا أننا بالفعل أمام عهد محاربة الفساد وعدم الافلات من العقاب، في ما يتعلق بالجرائم الاقتصادية، وانتظر الكل تحقيقا جديا شاملا ونزيها، تحقيقا شفافا يحدد بدقة المسؤوليات ويقدم الجناة إلى العدالة ليكونوا عبرة لمن يعتبر.
إلا أنه بعد كل هاته المدة من التحقيقات الماراطونية، واستمرار المتهمين في عملهم وكثرة التسريبات والإشاعات بشأن محاولات طمس هذه القضية رغم ضخامتها، دفع بنا إلى طرح تساؤلات لمن يهمه الأمر، وطبعا ليس بخلفية تشاؤمية وليس بدافع تجاوز القضاء وأجهزته أو المساس باستقلاله، وإنما من منطلق غيرة مناضل حر وصادق على مدينته ومؤسسات بلده، ولا تهدف سوى إلى الدفع بمسلسل التحقيق ليأخذ مجراه الطبيعي والمنتظر نحو وضع اليد على أصل الفساد والمفسدين بالمدينة.
فأين وصل البحث الذي تجريه الفرقة الوطنية في ما يتعلق بقضية الفساد بالمجلس البلدي؟ وما الخلفية من تباطؤ عملها؟ ماذا يعني تقديم المتهمين في هذه القضية في حالة اعتقال إلى النيابة العامة ذات الاختصاص بفاس ثم يعاد التحقيق معهم في حالة سراح؟ ما السر من وراء تناقص عدد المتهمين وتبرئة العديد من المتورطين كما هو معروف لدى الساكنة؟ كيف تم خداع لجن التحقيق من خلال تسوية وضعية عقارات كانت موضوع اتهام بسرقتها لتصبح عملية الحصول عليها قانونية، مع أن ذلك لم يتم إلا بعد بدء التحقيق؟ ما هو موقف لجن التحقيق من المتسترين على نهب المال العام والمتواطئين معهم من بعض المحسوبين على جمعيات المجتمع المدني بالمدينة؟
ما موقف لجن التحقيق من تفويتات الملك العام لفائدة عائلات وأنصار ذوي النفوذ المتهمين؟ ما رأي لجن التحقيق في الخروقات التي شابت العديد من المشاريع بالمدينة كالسوق الأسبوعي الذي تجاوزت المدة القانونية لإنهاء أشغاله أكثر من سنتين وخروقات الغش والتزوير الذي عرفه بناء أسواره؟
المشاكل والعراقيل التي تعترض السير الطبيعي للمراكز الاجتماعية المحدثة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (المركز المتعدد الخدمات، مركز المعاق، مركب الصناعة التقليدية…) والتي لم تستطع حتى أداء فواتير الماء والكهرباء.
وبالنسبة لنيابة التعليم بالإقليم، فقد وقف التحقيق على حجم الاختلاسات التي شهدتها المؤسسة (أرصدة بمئات الملايين، فيلات مجهزة، سيارات فخمة…) وحددت بدقة المتهم في هذه القضية ، لكن السؤال هو: ما السر وراء عدم متابعة المتهم؟ وهل يكفي قرار تغيير مهامه داخل المؤسسة وعدم توقيفه لردع «سرقة» طالت أموالا طائلة من ميزانية الدولة المخصصة لأبناء الفقراء.
هذه بعض الأسئلة وغيرها كثير التي تشغل بال الساكنة اليوم نعرضها لمن يعنيهم الأمر على أمل أن يمضي التحقيق في مساره الجاد والمسؤول، وأن يتم تحديد الجناة الحقيقيين في قضايا الفساد الثابتة في المدينة وتقديمهم للمحاكمة، عما اقترفوه من جرائم في حق المدينة وساكنتها وحق البلد ومؤسساته
الموضوع السابق :إنتقل إلى الموضوع السابق
الموضوع التالي :إنتقل إلى الموضوع القادم

لا توجد تعاليق :

أضف تعليقا